اتحدث اليوم عن “صراع العروش” ذلك العمل الاسطوري الأشهر والاعظم في تاريخ الدراما التلفزيونية على الاطلاق والذي تابعه الملاين في انحاء العالم وكان علامة فارقة في احترافية الحوار والصورة والحبكة لم تعهدها الأعمال التلفزيونية إلا القليل منها.

هذا رأي مشاهد عادي فلست مختصا بالدراما أو السينما ولا أفقه كثيرا فيهما.

الموسم السابع والذي انتهي عرضه هذا الشهر كان مختلفا فيبدو أن صناع المسلسل قد قرروا التخلي عن الرواية وحبكتها وطريقة تداولها للأحداث لصالح إرضاء المشاهد من جهة واستعراض العضلات في ابراز المؤثرات البصرية التي تم تقديمها بإتقان لم يعتد عليه المشاهد من جهة أخرى.

مشاهد اسطورية

لا يمكن أن نتجاهل عند الحديث عن الموسم السابع لصراع العروش مشهدين كانو الأكثر تميزا ليس في صراع العروش فقط بل في مجمل الدراما التلفزيونية بل وحتى السينما العالمية. أتحدث هنا عن مشهدي “حقل النيران” في نهاية الحلقة الرابعة و “الجليد المتكسر” في الحلقة السادسة. لقد تم المزج  في هذين المشهدين بين المناظر الطبيعية والمؤثرات البصرية والجرافيكس والبشر والمكان بطريقة ساحرة تجعلك تصدق بما لا يدع مجالا للشك بأن المشهد واقعي وان التنين حيوان حقيقي وان ما يقوم به هي تصرفات هي طبيعية وليست مجرد صور ورسومات.

هذا التمازج والتناسق كان مبهرا إلى حد لا يصدق جعل المشهدين من أفضل ما تم إنتاجه تلفزيونيا ولا أنكر إعجابي الشديد بهما رغم أنهما كانا على حساب الرواية وترابط الأحداث.

الحبكة الغبية

لكن مع ذلك لا يمكن أن نتجاهل ايضا تلك الحبكة الغبية التي استخدمها صناع المسلسل في حلقاته الثلاث الأخيرة.  حبكة لا يمكن أن تخرج من كتاب محترفين ولا أعتقد أنها ستكون ضمن الرواية التي ستصدر قريبا.
لقد رغب صناع المسلسل في تحقيق هدف محدد وهو أن يمتلك جيش الموتى تنينا.  فوجود تنين لدى جيش الموتي يعني المزيد من المشاهد الأسطورية والتي ستتمكن فيها الشركة المنتجة HBO من الاستمرار في استعراض عضلاتها في صنع مشاهد لم يسبق لها مثيل.
الهدف قد يكون مشروعا لكن الحبكة للتي تم صياغتها لتحقيقه كانت سخيفة ولم يصدقها اغلب المشاهدين فلا معنى لبذل كل ذلك المجهود الضخم وتكبد خسائر فادحة فقط لإقناع ملكة مهزومة اصلا بالقبول بهدنة وكان يمكن استغلال ذات الوقت للقضاء عليها ثم التفرغ  لمقاتلة جيش الموتي دون الحاجة لكل ذلك.
كان يمكن لصناع المسلسل وضع حبكة أقوى لتحقيق الهدف الذي يريدون لكون بشكل أكثر منطقية  فمثلا  لو ترك صناع المسلسل جميع من حول جون سنو غير مصدقين لوجود جيش الموتي فذهب ليأتي بواحد منهم ليثبت لهم جميعا انهم موجودون لكانت حبكة أفضل وأكثر قبولا لدى المشاهد وستحقق الهدف المنشود وان كانت ليست الحبكة المثلى لكنها على الأقل أفضل من تلك القصة السخيفة والسبب الواهي الذي تم بنائه.
أكاد أجزم بأن هذه الحبكة الغببة لن تكون في الرواية التي ستصدر قريبا وجيش الموتي سيقوم بهدم الجدار فعلا ولكن عبر البوق السحري الذي تمت الإشارة إليه أكثر من مرة في الرواية والمسلسل بدليل أن صورة البوق موجودة على الغلاف المقترح للرواية.

سرعة الأحداث

تميز الموسم السابع أيضا بسرعة الأحداث على عكس ما تعود عليه مشاهد “صراع العروش” في المواسم السابقة. وهذا طبيعي فالميزانية الضخمة التي تم توجيهها لمشاهد “حقل النيران” و “الثلج المتكسر” إضافة إلى مشهد “حظيرة التنين” في الحلقة الاخيرة فد أجبرت صناع المسلسل على اختصار الحلقات فتم تقديم القصة التي كان من المفترض أن تتم في عشر حلقات في سبع حلقات فقط.
أعتقد أن سرعة الأحداث قد تكون مقنعة للمشاهد دراميا لكنها بالتأكيد لم ترضي محبي المسلسل الذين شعروا بظلم كبير وقع على هذا العمل الفني العظيم.
وهذا يؤكد توجه صناع المسلسل للتخلي عن الرواية لصالح المشاهد رغم محاولتهم إرضاء محبي صراع العروش بين الحين والآخر وهذا تماما ما حدث في الحلقة الاخيرة وهي الحلقة الوحيدة ربما التي تذكرك بالمواسم السابقة وبالرواية سواء في الصورة أو الحوار أو تدبير المكائد ونحوها.

ماذا نتوقع في الموسم الثامن

لا أعتقد أن صناع المسلسل سيتخلون عن أسلوبهم في الابتعاد عن الرواية والاهتمام بالمشاهد الأسطورية فهذا ما حضروا له  في الموسم السابع وهذا ما سيستمرون عليه بالتأكيد .
تخيل معي طبيعة المشاهد التي ستضمن حربا بين تنين ينفث لهبا أزرق وآخرين يطلقان النيران. تخيل جيشين من الموتى والاحياء وهم على أرض معركة جليدية وظروف صعبة. كيف سيكون حال تلك  المشاهد؟؟ ستكون بالتاكيد فرصة للشركة المنتجة لاستعراض عضلاتها حتى ولو كان ذلك على حساب الرواية وترابط الأحداث. وانا في الحقيقية سأكون سعيدا بذلك فستتوافر لنا  فرصة لمشاهدة مشاهد اسطورية أخرى ستفوق بعددها ونوعيتها ما رأيناه في الموسم السابع ??.
أما الصراع على العرش فأعتقد انه سيتم حسمه بسهولة لجون سنو وسيتم ذلك إما بموافقة كلا الملكتين أو مقتلهما أو بزواج يحدث بين جون ودينيريس (ديانتهم تسمح بذلك إلى حد ما).  بالطبع لا ننسى أن الموسم السابع مهد لوريث للعرش الحديدي ستلده دينيريس مما سيجعل أمر إنهاء شأن العرش الحديدي أكثر سهولة. أعتقد أن هذا هو الخط الدرامي الأساسي وربما الوحيد الذي سيعتمد عليه الموسم الثامن فكل من ينافس على العرش قد انتهى تقريبا. ولم يعد للصراع أي معنى
من المتوقع أن يتم بث الموسم الثامن نهاية عام 2018 أو في بداية 2019 فصنع تلك المشاهد الأسطورية سيحتاج الكثير من الوقت والجهد مما يبرر التأخير.  وهذا دليل على أننا لن نرى صراع العروش الذي اعتاد عليه مشاهدوه ولن يشاهدو الرواية فيه بل سيشاهدون شيئا اخر ربما يكون أكثر امتاعا من الناحية الفنية ولكن ليس من الناحية الروائية ومن اراد الرواية فعليه أن ينتظر صدورها.