مازال التعلم الإلكتروني يعيش حالة جدل في منطقتنا العربية إن كان يرقى للتعليم الصفي التقليدي أم لا؟ جدل جعلنا نغفل عن تلك التقنيات التي تظهر من حولنا والتي يمكن أن تمثل فرصا عظيمة للمتعلمين لم تكن متوافرة قبل ذلك. جدل جعل أغلب برامج التعلم الإلكتروني لا تسعى الا الى محاولة تقليد التعليم التقليدي (بتقنية أفضل) لتثبت أنها برامج مجدية تضاهيه في النتائج مما ضيع فرصا كبيرة لاستغلال ما يأتي من تقنيات لتقديم أسلوب أخر مختلف للتعليم

ويزداد الأمر جدلا عندما نتحدث عن التعلم الإلكتروني في المدارس حيث يظن البعض أن التعلم الإلكتروني هو لمن في التعليم الجامعي فقط وليس لمن ما رالوا في اعمار صغيرة تستوجب وجودهم في صف دراسي. هذا بالطبع بعض النظر عن طبيعة ذلك الصف الدراسي ومستوى المعلم الذي يعلم والبيئة التعليمية التي تحيط بالمتعلمين، المهم أن يتواجد الطالب في صف دراسي لخمسة أو ستة ساعات يوميا حتى نشعر أنه تعلم.

ولو تمعنا قليلا لوجدنا أن حاجة التعليم المدرسي للتعلم الإلكتروني أكثر بكثير من حاجة التعليم الجامعي له. فالملاين التي يتم انفاقها سنويا على البنية التحتية من مدارس ونقل وكتب هي مبرر حقيقي للتفكير في نظام تعليمي جديد ناهيك عن ندرة المعلمين المتميزين والتزايد الكبير في عدد الطلبة والذي يفوق بكثير التزايد الحاصل في عدد المعلمين مما يفقد الكثير من الطلبة فرصة تعليم جيد وهذا ما دعي اليونسكو الى التحذير من أن أكثر من 40 بالمئة من الطلاب في العالم الثالث لا تحصل على تعليم أساسي جيد. هذا عدى عن تجاهل التعليم التقليدي للكثير من الأدوات الحديثة التي يمكن استغلالها في العملية التعلمية والتي تناسب جيل اليوم كأدوات التواصل الاجتماعي وأدوات التراسل المباشر وتقنيات البيانات الضخمة وغيرها

ومن هنا جاء المقترح بالتفكير بإنشاء مدرسة افتراضية عربية يتم من خلالها بناء نظام تعليمي جديد دون المساس بالنظام التعليمي القائم فيترك الخيار للمتعلم ليتجه للتعليم الذي يلائمه. مدرسة تكون مركزا لأفضل المقررات الدراسية يقودها أفضل المعلمون تستخدم أفضل الأساليب والأدوات التعليمية، فيتم توجيه الميزانيات لتعليم المستقبل بدلا من الاستمرار في التطوير في تعليم قد لا يكون له مستقبل. سيكون الخيار للمتعلم في ان ينتسب ليتعلم في هذه المدرسة ويترك المدراس التقليدية تماما أو أن يتكون مساندة له في التعليم التقليدي

سيكون لوجود هذه المدرسة الافتراضية تأثير كبير في تطوير التعليم في الاتجاه الصحيح. ستوفر بيئة تعليمية مفتوحة غير مقيدة بصف دراسي أو كتاب مدرسي أو حتى نظام تقني. سيكون المعلم فيها خبيرا يساعد المتعلمين على التعلم وليس مجرد مدرس بلقن الطلاب معلومات مكررة وقديمة هي بالأساس متوافرة بغزارة وبشكل أفضل على الإنترنت. ستوفر الفرصة للجميع أيا كانت مواقعهم الجغرافية أو مستوى مدراسهم أو معلميهم من الحصول على تعليم متميز من معلمين متميزين مما يحقق العدالة في التعليم للجميع.

قد يعتقد البعض استحالة تحقيق ذلك مع طلاب أصغر سنا لكن قد لا يعلم الكثيرون أن التعلم الإلكتروني الأن مطبق في كثير من المدارس حول العالم وهناك نماذج كثيرة لتطبيق هذا النوع من التعليم ولا يوجد ما يمنع أن تتواجد في منطقتنا العربية التي هي في حاجة أكبر لمثل هذا النوع من المدارس أكثر من العالم الغربي.