لقد وضع الله في كل واحد منا صفات تميزه عن الأخرين فتجعله فريدا عن غيره من بني البشر، فلا يمكن أن يتماثل إتنان في ذات المزايا مهما تشابها فيما بينهما. فلكل انسان بصمته التي يمكن أن تميزه في هذه الحياة قد يعلم بها فيستغلها أو يجهلها فتضيع عليه، ومعرفة الفرد بتلك الصفات التي تميزه سيمكنه من التركيز أكثر في حياته وتعاملاته مع الأخرين.
وهذا يعني ثلاثة أمور أساسية:
أولا: انه لا يوجد انسان بلا قيمة أو غير قادر على تقديم شيء مميز لا يستطيع اخرون تقديمه، فكل فرد يملك قدرة على القيام بقعل ما لكن قد نجهل ذلك الشيء او نتكاسل عن تقديمه.
ثانيا: لا يوجد انسان خارق يمكنه أن يفعل كل شيء مهما بلغ من الإبداع او القوة. فالإنسان الخارق هو خيال محض في أذهان البعض. فتميز فرد ما بصفة معينة لا يعني انه مميز في كل شيء، بل هو مميز بتلك الصفة فقط.
ثالثا: لا يمكن أن يتم انجاز عمل ما الا باجتماع مجموعة من الأفراد لأن كل واحد منهم يملك شيئا يمكن أن يقدمه في انجاز ذلك العمل يختلف عن الأخرين ويتكامل معهم. وهذا ما جعل لفرق العمل أهمية لان كل فرد في فريق العمل يقدم قيمة معينة بناء على تلك الميزة التي تميزه فتجتمع مزايا عدة تؤدي الى إتمام المهمة المطلوبة بنجاح.
وبالتالي ينبغي أن تعرف تماما من أنت؟ ما هي تلك الصفة التي تميزك عن الأخرين فتستغلها لكي تحقق النجاح الشخصي لك والنجاح لفريق العمل الذي تعمل معه. بل لابد أن تحاول أن تتعرف على ما يميز الأخرين من حولك حتى تستطيع أن تتعامل معهم بما يناسبهم وتستغل تلك المزايا التي تميزهم.
وفقا لـ Sally Hogshead مؤلفة كتاب How the world sees you فهناك أربعة خطوات لتعرف من أنت في نظر الأخرين وماذا يجب أن تكون عليه وفقا لما تملكه من مزايا:
الخطوة الأولى: حدد الميزة الرئيسية التي تغلب عليك وعلى تواصلك مع الأخرين. حيث حصرت Sally Hogshead سبعة مزايا تتوافر في كل فرد منا ولكن بنسب تختلف من شخصية لأخرى، واحدة من تلك المزايا تعلب على الفرد في تعامله مع الأخرين وحتى مع نفسه فتعتبر ميزة رئيسية لدبه يكون قادرا من خلالها على اضافة قيمة ما، والمزايا السبع هي:
- الابداع: وهي قدرة الفرد على التغيير من خلال الابتكار والتجديد، والشخص هنا خلاق ذا رؤية، وريادي وغير تقليدي في التفكير ويعمل على حل المشكلات بسرعة وتقديم حلولا إبداعية لها. تجده دائما يخرج بأفكار جديدة وطرق مبتكرة لحل المشاكل أو تطوير العمل.
- الشغف: وهي القدرة على التواصل وبناء العلاقات من خلال استخدام العاطفة، والشخص هنا معبر وجذاب وذا حدس وصريح يعمد لبناء العلاقات مع الأخرين بسهولة ويستخدم لغة الجسد للتعبير ليبقي الأخرين متفاعلين معه. تجده دائما في تواصل مع الأخرين وتفاعل معهم واجتماعي الى حد كبير.
- السلطة: القدرة على التواصل من خلال الأوامر والثقة، والشخص هنا قائد بطبيعته يكسب احترام الأخرين بسهولة ويحفزهم على العمل وهو واثق، حاسم، موجه نحو هدفه قادر على قيادة أي حوار. تجده دائما ما يقود العمل أو الفريق الذي هو فيه حتى لو لم يكن له صفة الإدارة الرسمية.
- الهيبة: القدرة على كسب احترام الأخرين والتفوق عبر اتباع معايير عالية ويهتم بالنتائج ذات الجودة العالية، والشخص هنا فخور بنفسه يسعى للحصول على احترام الأخرين دائما وهو طموح ومصمم ويعمل للتطوير المنسق والمتناغم والحصول على دلائل ملموسة للنجاح ويركز على نقاط قوته ويتجنب نقاط ضعفه. تجده دائما ما يركز على الجودة والمظهر وتنسيق الأعمال وترتيبها.
- الثقة: القدرة على بناء الولاء والحفاظ على الاستقرار من خلال التعامل مع الأمور المجربة والثابتة والتي يمكن الاعتماد عليها، والشخص هنا مألوف وجدير بالثقة وملتزم ومستقر يحب التعامل مع الإجراءات والخطوات الواضحة والروتينية والمجربة مسبقا ويهتم بسمعته ودائما وينجز ما وعد به. تجده دائما يتبع نظاما ثابتا في حياته لا يحب التغيير أو المخاطرة حتى يضمن مئة بالمئة تحقيق النتائج والأهداف المحددة دون أدنى خطأ.
- الغموض: القدرة على التواصل مع جوهر الأمور عبر استخدام لغة الصمت والاستماع، والشخص هتا مستقل منطقي ويقظ لديه القدرة الفطرية في التعديل في أفكاره وأراءه ودون محاولة الظهور أمام الأخرين أو التواصل الكثير معهم مركزا انتباهه على الفكرة فيفحصها ويبحثها بعمق قبل أن يشاركها مع الأخرين وعادة ما يكبح مشاعره. تجده دائما ما يعمل لوحده بصمت لكنه يفاجئك بأرائه واقتراحاته التي عادة ما تكون غير تقليدية لكنها تردى المطلوب تماما.
- التنبه: القدرة على منع حدوث المشاكل من خلال العناية الفائقة بالتفاصيل الدقيقة، والشخص هنا منظم يستبق الأحداث ودقيق يهتم بالتسليم بالموعد المحدد ولا يحب المخاطرة ويبقى دائما على الطريق المرسوم ويركز في المهام المطلوبة منه مهما كانت ولديه القدرة على إدارة مشاريع معقدة ومتشابكة. تجده دائما مهتم بأدق التفاصيل فيغوص بها مهما صغرت مما يجعله قادرا على حل أي مشكلة أو إدارة أي مهمة بكل اجزائها بكفاءة عالية.
الخطوة الثانية: حدد الميزة الثانية التي تستخدمها في تعاملك مع الأخرين من بين تلك المزايا السبع، حيث لا يمكن لأي فرد أن يعتمد فقط على ميزة واحدة في تواصله والا كانت شخصيته متطرفة. الميزة الثانية هي التي توازن الميزة الأولى فكل شخصية تتكون من ميزتين أساسيتين وبشكل تلقائي وتركيز كل فرد على تلك الميزتين سيعطيه أفضلية وسيمكنه من ابراز نفسه من خلال ما يمكنه أن يفعله فعلا وبتلقائية ودون تصنع.
الخطوة الثالثة: حاول أن تعرف من خلال الميزة الرئيسية التي تتمتع بها وتلك الثانوية أن تتعرف على شخصيتك وأهم الصفات التي تتمتع بها والتي يمكنك التركيز عليها في تواصلك مع الأخرين. أختر من الجدول أدناه تلك الميزة الرئيسية والثانوية لتجد شخصيتك وأهم ثلاثة صفات تتصف بها. يجب أن تختار ميزتين مختلفتين لأن تواجد ميزة واحدة فقط سيكون مدمرا ويؤدي الى عدم التوازن.
الخطوة الرابعة: أختر من تلك الصفات الثلاث صفة واحدة أقرب اليك ثم حدد ما الذي تفعله بتلقائية أو ما يجب أن تفعله حتى تحقق تلك الصفة فمثلا ان كانت أحد مزاياك “في الصميم” فيمكن أن تكون “افكارك في الصميم” وان كانت أحد مزاياك “منظم” فيمكن أن تكون “تنفيذك لأعمالك منظم” أو “إدارتك لأي مشروع يتم بشكل منظم” وهكذا…
عبر هذه الخطوات ستكون على دراية أكبر بنفسك وبما يميزك عن الأخرين وبالذي يمكنك أن تفعله بكفاءة وتمكن، بل ويمكنك أن تستخدم ذات الخطوات لتتعرف على شخصيات الأخرين ممن حولك فتنجح بشكل أفضل في التعامل معهم وفقا لما يتميز به كل فرد منهم. وهنا يأتي دور المدير أو السؤول أو ريادي الأعمال في أن يحاول أن يتعرف على مزايا فريق العمل لديه أو أن يختار أعضاء فريق العمل وفقا لما يملكون من مزايا قلا يكرر ميزة موجودة أصلا لديه فيحدث الصدام بل يعمد الى استكمال ما ينقصه فيحدث التكامل.
هناك ضرورة ملحة لأن يعرف كل فرد منا تلك الصفات التي تميزه لأن تركيزه عليها ستؤدي به الى النجاح، أما محاولة التصنع وفعل أمور لا تروق قد تؤدي الى نجاح مؤقت لكنها لن تصل الى النجاح الحقيقي. اعرف من أنت وما الذي تحب فعله وأفعله ولا تفعل ما لا يتلاءم معك.